بدء فعاليات المنتدى الاقتصادي العالمي 2025 في دافوس
دافوس، سويسرا – انطلقت اليوم الاثنين فعاليات الاجتماع السنوي للمنتدى الاقتصادي العالمي 2025 في مدينة دافوس السويسرية، وسط حضور غير مسبوق لقادة العالم والمفكرين وصناع القرار. تحت شعار “التعاون من أجل العصر الذكي”، يجمع هذا الحدث العالمي البارز نحو 3,000 شخصية قيادية وخبير من أكثر من 130 دولة، في مسعى لرسم ملامح مستقبل أكثر استدامة واستقراراً للبشرية جمعاء.
وتكتسب دورة هذا العام أهمية استثنائية في ظل التحديات العالمية المتصاعدة، من التوترات الجيوسياسية المتزايدة إلى التحولات الاقتصادية العميقة التي يشهدها العالم. ويأتي انعقاد المنتدى في وقت يواجه فيه المجتمع الدولي تحديات غير مسبوقة، تتراوح بين التغير المناخي والثورة التكنولوجية المتسارعة، مروراً بالتحولات الديموغرافية العميقة وتزايد عدم المساواة الاقتصادية والاجتماعية.
في قاعات المؤتمرات المطلة على جبال الألب الثلجية، يجتمع صناع القرار لمناقشة القضايا الملحة التي تواجه البشرية في القرن الحادي والعشرين. ويضم المشاركون هذا العام نخبة من قادة الدول والحكومات، ورؤساء كبرى الشركات العالمية، وقادة المنظمات الدولية، إلى جانب مجموعة متميزة من العلماء والمفكرين والخبراء في مختلف المجالات.
وقد أكد البروفيسور كلاوس شواب، المؤسس والرئيس التنفيذي للمنتدى الاقتصادي العالمي، في كلمته الافتتاحية على أهمية التعاون الدولي في مواجهة التحديات المعاصرة. وشدد على أن “العالم يقف اليوم على مفترق طرق تاريخي، حيث تتطلب التحديات المعقدة التي نواجهها حلولاً مبتكرة وتعاوناً دولياً غير مسبوق.”
ويتميز برنامج المنتدى هذا العام بتركيز خاص على التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي، إلى جانب قضايا الاستدامة البيئية والعدالة الاجتماعية. كما يولي المنتدى اهتماماً خاصاً بتعزيز الحوار بين مختلف الأطراف المعنية، سعياً لبناء توافق دولي حول القضايا الرئيسية التي تواجه المجتمع العالمي.
Contents
محاور النقاش في منتدى الاقتصادي العالمي
يناقش المنتدى خمس محاور رئيسية تهدف إلى معالجة التحديات العالمية:
- إعادة تصور النمو: التركيز على استكشاف مصادر جديدة للنمو المستدام وبناء اقتصادات أقوى وأكثر قدرة على الصمود.
- الصناعات في العصر الذكي: التكيف مع التحولات التكنولوجية والجيوسياسية، وتحقيق التوازن بين الأهداف قصيرة وطويلة الأجل لتحويل الصناعات.
- الاستثمار في البشر: تطوير رأس المال البشري من خلال التركيز على التوظيف، والتعليم، والرعاية الصحية، والاستعداد لتحولات السوق الناتجة عن التقنيات الناشئة.
- حماية الكوكب: تعزيز التعاون الدولي لمواجهة تغير المناخ من خلال نشر تقنيات نظيفة وتحفيز الاستثمارات المبتكرة.
- إعادة بناء الثقة: تعزيز الحوار والتعاون على الصعيدين الدولي والمحلي لمواجهة الاستقطاب الاجتماعي والسياسي.
رسائل القادة
أكد كلاوس شواب، مؤسس ورئيس مجلس أمناء المنتدى الاقتصادي العالمي، على أهمية التعاون في هذه المرحلة قائلاً: “رغم التحديات الكبيرة التي تواجهنا، يوفر هذا الاجتماع فرصة لتعزيز التفاؤل والعمل البناء لتشكيل مستقبل مستدام وشامل للجميع.”
بدوره، أشار بورج بريندي، الرئيس والمدير التنفيذي للمنتدى، إلى التحديات الملحة مثل التوترات الجيوسياسية والتغير المناخي قائلاً: “لا يمكننا مواجهة هذه الأزمات إلا من خلال الابتكار والتعاون.”
التنوع في الحضور
يشهد المنتدى مشاركة واسعة من قطاعات متعددة:
- 350 من القادة الحكوميين: بما في ذلك 60 رئيس دولة وحكومة، مثل دونالد ترامب (عبر الفيديو)، أورسولا فون دير لاين، وأولاف شولتس.
- المنظمات الدولية: يشارك رؤساء منظمات مثل الأمم المتحدة ومنظمة التجارة العالمية وصندوق النقد الدولي.
- القطاع الخاص: يضم المنتدى أكثر من 1,600 من قادة الأعمال بما في ذلك شركات التكنولوجيا الناشئة.
- المجتمع المدني: أكثر من 170 من قادة النقابات، المنظمات غير الحكومية، والمجتمعات الدينية.
موضوعات دافوس 2025: العصر الذكي
يسلط شعار المنتدى “التعاون من أجل العصر الذكي” الضوء على تأثير التقنيات المتقاربة مثل الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمومية على البشرية. وفقًا لشواب، يمثل هذا العصر “ثورة مجتمعية” يمكن أن ترتقي بالإنسانية أو تضر بها.
يطرح المنتدى أسئلة جوهرية أمام القادة، مثل كيفية تجنب التشرذم وتعزيز الاستدامة والمساواة باستخدام الابتكار التكنولوجي.
الوصول إلى الحدث
يتاح الاجتماع للجمهور من خلال جلسات بث مباشر عبر الإنترنت، مع تغطية شاملة للموضوعات عبر الموقع الرسمي.
رسالة المنتدى
في ظل التحديات المتزايدة، يؤكد المنتدى أن التعاون العالمي هو الطريق الوحيد لمواجهة الأزمات الكبرى وتحقيق مستقبل أكثر ازدهارًا وعدالة.
ومع اختتام اليوم الأول من فعاليات منتدى دافوس 2025، يبدو جلياً أن العالم يقف على أعتاب مرحلة جديدة تتطلب تضافر الجهود الدولية وتعزيز التعاون المشترك. فالتحديات التي تواجه المجتمع الدولي اليوم، من التغير المناخي إلى التحول الرقمي والتوترات الجيوسياسية، تتطلب حلولاً مبتكرة ومقاربات جديدة تتجاوز الحدود التقليدية للتعاون الدولي.
ويؤكد الحضور الكثيف والمتنوع في المنتدى على أهمية هذا الحدث العالمي كمنصة فريدة للحوار والتعاون بين مختلف الأطراف الفاعلة في المجتمع الدولي. ومع تركيز المنتدى هذا العام على “العصر الذكي”، يتطلع المشاركون إلى صياغة رؤية مشتركة لمستقبل يجمع بين التقدم التكنولوجي والاستدامة والعدالة الاجتماعية.
وفي ظل التحديات المتصاعدة التي يواجهها العالم، يبقى منتدى دافوس منارة للأمل في إمكانية بناء مستقبل أفضل من خلال الحوار البناء والتعاون المثمر بين مختلف دول العالم ومؤسساته. ويبقى النجاح الحقيقي للمنتدى مرهوناً بقدرة المشاركين على ترجمة النقاشات والتوصيات إلى خطوات عملية تسهم في بناء عالم أكثر استدامة وعدالة للأجيال القادمة.